عقوق الوالدين:
حورية الشام :: القسم الاسلامي :: :: المعاصي والحلول 2
صفحة 1 من اصل 1
عقوق الوالدين:
بر الوالدين وصلة الأرحام
قال الله تعالى: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم" 'النساء: 36' وقال تعالى: "واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام" 'النساء: 1' وقال تعالى: "والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل" الآية 'الرعد: 21'. وقال تعالى: "ووصينا الإنسان بوالديه حسناً" 'العنكبوت: 8' وقال تعالى: "وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا" 'الإسراء: 23-24' وقال تعالى: "ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك" 'لقمان:14'
تحريم العقوق وقطيعة الرحم
قال الله تعالى: "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم* أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم" 'محمد: 21- 22' وقال تعالى: "والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل، ويفسدون في الأرض، أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار" وقال تعالى: "وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا" 'الإسراء: 23-24'.
عقوق الوالدين
قال الله تعالى: "وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا" أي براً وشفقة وعطفاً عليهما. "إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما" أي لا تقل لهما بتبرم إذا كبرا وأسنا وينبغي أن تتولى خدمتهما ما توليا من خدمتك على أن الفضل للمتقدم وكيف يقع التساوي، وقد كانا يحملان أذاك راجين حياتك وأنت إن حملت أذاهما رجوت موتهما. ثم قال الله تعالى: "وقل لهما قولاً كريما" أي ليناً لطيفاً "واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا" وقال الله تعالى: "أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير" فانظر رحمك الله كيف قرن شكرهما بشكره. قال ابن عباس رضي الله عنهما: ثلاث آيات نزلت مقرونة بثلاث، لا تقبل منها واحدة بغير قرينتها (إحداهما) قول الله تعالى: "وأطيعوا الله و أطيعوا الرسول" فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل منه. (الثانية) قول الله تعالى: "وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة" فمن صلى ولم يزك لم يقبل منه، (الثالثة) قول الله تعالى: "أن اشكر لي ولوالديك" فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه. ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم "رضى الله في رضى الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين".
و"عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: جاء رجل يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد معه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أحي والديك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد" مخرج في الصحيحين، فانظر كيف فضل بر الوالدين وخدمتهما على الجهاد!.
وفي الصحيحين "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله وعقوق الوالدين" فانظر كيف قرن الإساءة إليهما وعدم البر والإحسان بالإشراك وفي الصحيحين أيضاً "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة عاق ولا منان ولا مدمن خمر". وقال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله العاق لوالديه" وقال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله من سب أباه، لعن الله من سب أمه" وقال صلى الله عليه وسلم: "كل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فإنه يعجل لصاحبه، يعني العقوبة في الدنيا قبل يوم القيامة".
وقال كعب الأحبار رحمه الله: إن الله ليعجل هلاك العبد إذا كان عاقاً لوالديه ليعجل له العذاب، وأن الله ليزيد في عمر العبد إذا كان باراً بوالديه ليزيده براً وخيراً. ومن برهما أن ينفق عليهما إذا احتاجا، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أبي يريد أن يحتاج مالي، فقال صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك" وسئل كعب الأحبار عن عقوق الوالدين ما هو؟ قال هو إذا أقسم عليه أبوه أو أمه لم يبر قسمها، وإذا أمره بأمر لم يطع أمرهما، وإذا سألاه شيئاً لم يعطهما، وإذا ائتمناه خانهما.
وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن أصحاب الأعراف من هم وما الأعراف؟ فقال: أما الأعراف فهو جبل بين الجنة والنار، وإنما سمي الأعراف لأنه مشرف على الجنة والنار وعليه أشجار وثمار وأنهار وعيون، وأما الرجال الذين يكونون عليه فهم رجال خرجوا إلى الجهاد بغير رضا آبائهم وأمهاتهم فقتلوا في الجهاد، فمنعهم القتل في سبيل الله من دخول النار، ومنعهم عقوق الوالدين عن دخول الجنة، فهم على الأعراف حتى يقضي الله فيهم أمره.
وفي الصحيحين "أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله من أحق الناس مني بحسن الصحبة؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك، ثم الأقرب فالأقرب" فحض على بر الأم ثلاث مرات، وعلى بر الأب مرة واحدة وما ذاك إلا لأن عناءها أكثر وشفقتها أعظم، مع ما تقاسيه من حمل وطلق وولادة ورضاعة وسهر ليل.
رأى ابن عمر رضي الله عنهما رجلاً قد حمل أمه على رقبته وهو يطوف بها حول الكعبة، فقال: يابن عمر أتراني جازيتها؟ قال: ولا بطلقة واحدة من طلقاتها ولكن قد أحسنت، والله يثيبك على القليل كثيراً.
و"عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربعة نفر حق على الله أن لا يدخلهم الجنة ولا يذيقهم نعيمها: مدمن خمر، وآكل ربا، وآكل مال اليتيم ظلماً، والعاق لوالديه إلا أن يتوبوا"، وجاء رجل إلى أبي الدرداء رضي الله عنه فقال: يا أبا الدرداء إني تزوجت امرأة وإن أمي تأمرني بطلاقها، فقال أبو الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه". وقال صلى الله عليه وسلم: "ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده" وقال صلى الله عليه وسلم: "الخالة بمنزلة الأم أي في البر والإكرام والصلة والإحسان" وعن وهب بن منبه قال: إن الله تعالى أوحى إلى موسى صلوات الله وسلامه عليه يا موسى وقر والديك، فإن من وقر والديه مددت في عمره ووهبت له ولداً يوقره، ومن عق والديه قصرت في عمره ووهبت له ولداً يعقه.
وقال أبو بكر بن أبي مريم: قرأت في التوراة أن من يضرب أباه يقتل. وقال وهب: قرأت في التوراة: على من صك والده الرجم.
وعن عمرو بن مرة الجهني قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت إذا صليت الصلوات الخمس، وصمت رمضان، وأديت الزكاة، وحججت البيت، فماذا لي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من فعل ذلك كان مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين إلا أن يعق والديه" وقال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله العاق والديه" وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت ليلة أسري بي أقواماً في النار معلقين في جذوع من نار فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: الذين يشتمون آباءهم وأمهاتهم في الدنيا".
وقال بشر: ما من رجل يقرب من أمه حيث حيث يسمع كلامها إلا كان أفضل من الذي يضرب بسيفه في سبيل الله والنظر إليها أفضل من كل شيء، "وجاء رجل وامرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يختصمان في صبي لهما فقال الرجل: يا رسول الله ولدي خرج من صلبي، وقالت المرأة: يا رسول الله حمله خفاً ووضعه شهوة وحملته كرهاً ووضعته كرهاً وأرضعته حولين كاملين، فقضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمه".
أيها المضيع لآكد الحقوق، المعتاض من بر الوالدين العقوق، الناسي لما يجب عليه، الغافل عما بين يديه، بر الوالدين عليك دين، وأنت تتعاطاه باتباع الشين، تطلب الجنة بزعمك، وهي تحت أقدام أمك. حملتك في بطنها تسعة أشهر كأنها تسع حجج، وكابدت عند الوضع ما يذيب المهج، وأرضعتك من ثديها لبناً، وأطارت لأجلك وسناً، وغسلت بيمينها عنك الأذى، وآثرتك على نفسها بالغذاء، وصيرت حجرها لك مهداً، وأنالتك إحساناً ورفداً، فإن أصابك مرض أو شكاية، أظهرت من الأسف فوق النهاية، وأطالت الحزن والنحيب، وبذلت مالها للطبيب، ولو خيرت بين حياتك وموتها، لطلبت حياتك بأعلى صوتها، هذا وكم عاملتها بسوء الخلق مراراً، فدعت لك بالتوفيق سراً وجهاراً، فلما احتاجت عند الكبر إليك، جعلتها من أهون الأشياء عليك، فشبعت وهي جائعة ورويت وهي قانعة، وقدمت عليها أهلك وأولادك بالإحسان، وقابلت أياديها بالنسيان وصعب لديك أمرها وهو يسير، وطال عليك عمرها وهو قصير...
هجرتها ومالها سواك نصير، هذا ومولاك قد نهاك عن التأفف، وعاتبك في حقها بعتاب لطيف ستعاقب في دنياك بعقوق البنين، وفي أخراك بالبعد من رب العالمين، يناديك بلسان التوبيخ والتهديد (ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد):
لأمك حق لو علمت كثير كثيرك يا هذا لديه يسير
فكم ليلة باتت بثقلك تشتكي لها من جواها أنة وزفير
وفي الوضع لو تدري عليها مشقة فمن غصص منها الفؤاد يطير
وكم غسلت عنك الأذى بيمينها وما حجرها إلا لديك سرير
وتفديك بما تشتكيه بنفسها ومن ثديها شرب لديك نمير
وكم مرة جاعت وأعطتك قوتها حناناً وإشفاقاً وأنت صغير
فآها لذي عقل و يتبع الهوى وآها لأعمى القلب وهو بصير
فدونك فارغب في عميم دعائها فأنت لما تدعو إليه فقير
(حديث ضعيف) "حكي أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم شاب يسمى علقمة وكان كثير الإجتهاد في طاعة الله في الصلاة والصوم والصدقة ، فمرض واشتد مرضه فأرسلت امرأته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن زوجي علقمة في النزع، فأردت أن أعلمك يا رسول الله بحاله، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم عماراً وصهيباً وبلالاً وقال: امضوا إليه ولقنوه الشهادة فمضوا إليه ودخلوا عليه فوجدوه في النزع، فجعلوا يلقنونه (لا إله إلا الله)، ولسانه لا ينطق بها فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرونه أنه لا ينطق لسانه بالشهادة.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل من أبويه أحد حي؟ قيل: يا رسول الله أم كبيرة السن، فأرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال للرسول: قل لها إن قدرت على المسير إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و إلا فقري في المنزل حتى يأتيك. قال: فجاء إليها الرسول فأخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: نفسي لنفسه فداء، أنا أحق بإتيانه. فتوكأت وقامت على عصا، وأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت فرد عليها السلام وقال لها: يا أم علقمة اصدقيني وإن كذبت جاء الوحي من الله تعالى، كيف كان حال ولدك علقمة؟ قالت: يا رسول الله كثير الصلاة، كثير الصيام كثير الصدقة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فما حالك؟ قالت: يا رسول الله أنا عليه ساخطة، قال: ولم؟ قالت: يا رسول الله كان يؤثر علي زوجته ويعصيني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن سخط أم علقمة حجب لسان علقمة عن الشهادة، ثم قال: يا بلال انطلق واجمع لي حطباً كثيراً، قالت يا رسول الله وما تصنع؟
قال: أحرقه بالنار بين يديك، قالت: يا رسول الله ولدي لا يحتمل قلبي أن تحرقه بالنار بين يدي، قال: يا أم علقمة عذاب الله أشد وأبقى، فإن سرك أن يغفر الله له فارضي عنه فوالذي نفسي بيده لا ينتفع علقمة بصلاته ولا بصيامه ولا بصدقته ما دمت عليه ساخطة فقالت: يا رسول الله إني أشهد الله تعالى وملائكته ومن حضرني من المسلمين أني قد رضيت عن ولدي علقمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انطلق يا بلال إليه وانظر هل يستطيع أن يقول لا إله إلا الله أم لا؟ فلعل أم علقمة تكلمت بما ليس في قلبها حياء مني، فانطلق فسمع علقمة من داخل الدار يقول: لا إله إلا الله...
فدخل بلال فقال: يا هؤلاء إن سخط أم علقمة حجب لسانه عن الشهادة، وأن رضاها أطلق لسانه، ثم مات علقمة من يومه، فحضره رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بغسله وكفنه ثم صلى عليه وحضر دفنه، ثم قام على شفير قبره وقال: يا معشر المهاجرين والأنصار من فضل زوجته على أمه فعليه لعنة الله و الملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلا إلا أن يتوب أن يتوب إلى الله عز وجل ويحسن إليها ويطلب رضاها، فرضى الله في رضاها وسخط الله في سخطها، فنسأل الله أن يوفقنا لرضاه، وأن يجنبنا سخطه، إنه جواد كريم رؤوف رحيم".
مسألة : في رجل يسفه على والديه: فما يجب عليه؟
الجواب: إذا شتم الرجل أباه واعتدى عليه فإنه يجب أن يعاقب عقوبة بليغة تردعه وأمثاله عن مثل ذلك، بل وأبلغ من ذلك أنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين "أنه قال: من الكبائر أن يسب الرجل والديه قالوا: وكيف يسب الرجل والديه؟ قال: يسب أبا الرجل، فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه" فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل من الكبائر أن يسب الرجل أبا غيره لئلا يسب أباه فكيف إذا سب هو أباه مباشرة؟؟ فهذا يستحق العقوبة التي تمنعه عن عقوق الوالدين الذي قرن الله حقهما بحقه حيث قال: "أن اشكر لي ولوالديك" وقال تعالى: "وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما" فكيف بسبهما؟!
مسألة : في رجل يدعو على والديه: ما الحكم؟
الجواب: إن الإنسان يجب أن يحرص دائما على ألا يدعو على أحد، بل يدعو لهم حتى لغير المسلمين، فإذا رأى إنسانا ضالا يدعو له بالهداية أو إذا رأى إنسانا ظالما أو حتى لو كان مشركا يدعو له بالهداية، لأنه إذا دعى عليه فلن يستفيد شيء، أما في الدعاء على الوالدين فهو حرام لقوله تعالى ("ولا تنهرهما") ومن النهر الدعاء عليهما، ثم إذا كانت لك أخي الكريم دعوة مستجابة فجعلها لوالديك ولا تجعلها عليهما، ثم اصبر على أذاهما ففي هذا الزمان آباء جهال لا يعرفون شيئا بالتربية الإسلامية الصحيحة، ولا يعرفون أسلوب النصح، ولا العقاب السليم والتوجيه الصحيح، فلذلك يجب أن تصبر على الأذى واحذر مما يفعلونه حتى لا تفعله بأولادك.
====================
حدثنا علي بن سعيد، قال: ثنا أحمد بن محمد بن أبي بزة، قال: حدثني أبو أحمد محمد بن يحيى بن يسار مولى عبد الله بن مسعود، ثنا حسين بن صدقة بن يسار الأنصاري، عن المقبري- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعينوا أولادكم على البر، من شاء استخرج العقوق لولده.
[تفرد به أحمد بن محمد بن يحيى].
ثنا: اختصار لـ: (حدثنا) حيث أنه في القديم لم يكن عندهم الحبر الكافي للكتابة فيختصرون مثل أنا اختصار لـ: (أنبأنا) وهكذا..
ثم هناك ملاحظة وهي اعتقاد الآباء أن الأبناء إذ عقوا والديهم فلن يقبل الله من الأبناء الصلاة والصيام وعمل الخيرات، وهذا خطأ، لأن ليس الذي يكتب الأجر هم الآباء، بل الملائكة تكتب الأجر والله تعالى يقبل أو لا يقبل، فالسؤال هنا: من الذي يكتب الأجر؟
وبالنسبة لطرق تربية الأولاد لعدم المرور بالعقوق بإذن الله تعالى فعليكم بتحميل برنامج تربية الأولاد من موقعنا على الشبكة.
والله تعالى قد يبتلي الأولاد بالآباء أو الآباء بالأولاد فعلى الجميع الصبر والدعاء
بر الوالدين وصلة الأرحام
قال الله تعالى: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم" 'النساء: 36' وقال تعالى: "واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام" 'النساء: 1' وقال تعالى: "والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل" الآية 'الرعد: 21'. وقال تعالى: "ووصينا الإنسان بوالديه حسناً" 'العنكبوت: 8' وقال تعالى: "وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا" 'الإسراء: 23-24' وقال تعالى: "ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك" 'لقمان:14'
تحريم العقوق وقطيعة الرحم
قال الله تعالى: "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم* أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم" 'محمد: 21- 22' وقال تعالى: "والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل، ويفسدون في الأرض، أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار" وقال تعالى: "وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا" 'الإسراء: 23-24'.
عقوق الوالدين
قال الله تعالى: "وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا" أي براً وشفقة وعطفاً عليهما. "إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما" أي لا تقل لهما بتبرم إذا كبرا وأسنا وينبغي أن تتولى خدمتهما ما توليا من خدمتك على أن الفضل للمتقدم وكيف يقع التساوي، وقد كانا يحملان أذاك راجين حياتك وأنت إن حملت أذاهما رجوت موتهما. ثم قال الله تعالى: "وقل لهما قولاً كريما" أي ليناً لطيفاً "واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا" وقال الله تعالى: "أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير" فانظر رحمك الله كيف قرن شكرهما بشكره. قال ابن عباس رضي الله عنهما: ثلاث آيات نزلت مقرونة بثلاث، لا تقبل منها واحدة بغير قرينتها (إحداهما) قول الله تعالى: "وأطيعوا الله و أطيعوا الرسول" فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل منه. (الثانية) قول الله تعالى: "وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة" فمن صلى ولم يزك لم يقبل منه، (الثالثة) قول الله تعالى: "أن اشكر لي ولوالديك" فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه. ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم "رضى الله في رضى الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين".
و"عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: جاء رجل يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد معه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أحي والديك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد" مخرج في الصحيحين، فانظر كيف فضل بر الوالدين وخدمتهما على الجهاد!.
وفي الصحيحين "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله وعقوق الوالدين" فانظر كيف قرن الإساءة إليهما وعدم البر والإحسان بالإشراك وفي الصحيحين أيضاً "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة عاق ولا منان ولا مدمن خمر". وقال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله العاق لوالديه" وقال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله من سب أباه، لعن الله من سب أمه" وقال صلى الله عليه وسلم: "كل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فإنه يعجل لصاحبه، يعني العقوبة في الدنيا قبل يوم القيامة".
وقال كعب الأحبار رحمه الله: إن الله ليعجل هلاك العبد إذا كان عاقاً لوالديه ليعجل له العذاب، وأن الله ليزيد في عمر العبد إذا كان باراً بوالديه ليزيده براً وخيراً. ومن برهما أن ينفق عليهما إذا احتاجا، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أبي يريد أن يحتاج مالي، فقال صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك" وسئل كعب الأحبار عن عقوق الوالدين ما هو؟ قال هو إذا أقسم عليه أبوه أو أمه لم يبر قسمها، وإذا أمره بأمر لم يطع أمرهما، وإذا سألاه شيئاً لم يعطهما، وإذا ائتمناه خانهما.
وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن أصحاب الأعراف من هم وما الأعراف؟ فقال: أما الأعراف فهو جبل بين الجنة والنار، وإنما سمي الأعراف لأنه مشرف على الجنة والنار وعليه أشجار وثمار وأنهار وعيون، وأما الرجال الذين يكونون عليه فهم رجال خرجوا إلى الجهاد بغير رضا آبائهم وأمهاتهم فقتلوا في الجهاد، فمنعهم القتل في سبيل الله من دخول النار، ومنعهم عقوق الوالدين عن دخول الجنة، فهم على الأعراف حتى يقضي الله فيهم أمره.
وفي الصحيحين "أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله من أحق الناس مني بحسن الصحبة؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك، ثم الأقرب فالأقرب" فحض على بر الأم ثلاث مرات، وعلى بر الأب مرة واحدة وما ذاك إلا لأن عناءها أكثر وشفقتها أعظم، مع ما تقاسيه من حمل وطلق وولادة ورضاعة وسهر ليل.
رأى ابن عمر رضي الله عنهما رجلاً قد حمل أمه على رقبته وهو يطوف بها حول الكعبة، فقال: يابن عمر أتراني جازيتها؟ قال: ولا بطلقة واحدة من طلقاتها ولكن قد أحسنت، والله يثيبك على القليل كثيراً.
و"عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربعة نفر حق على الله أن لا يدخلهم الجنة ولا يذيقهم نعيمها: مدمن خمر، وآكل ربا، وآكل مال اليتيم ظلماً، والعاق لوالديه إلا أن يتوبوا"، وجاء رجل إلى أبي الدرداء رضي الله عنه فقال: يا أبا الدرداء إني تزوجت امرأة وإن أمي تأمرني بطلاقها، فقال أبو الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه". وقال صلى الله عليه وسلم: "ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده" وقال صلى الله عليه وسلم: "الخالة بمنزلة الأم أي في البر والإكرام والصلة والإحسان" وعن وهب بن منبه قال: إن الله تعالى أوحى إلى موسى صلوات الله وسلامه عليه يا موسى وقر والديك، فإن من وقر والديه مددت في عمره ووهبت له ولداً يوقره، ومن عق والديه قصرت في عمره ووهبت له ولداً يعقه.
وقال أبو بكر بن أبي مريم: قرأت في التوراة أن من يضرب أباه يقتل. وقال وهب: قرأت في التوراة: على من صك والده الرجم.
وعن عمرو بن مرة الجهني قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت إذا صليت الصلوات الخمس، وصمت رمضان، وأديت الزكاة، وحججت البيت، فماذا لي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من فعل ذلك كان مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين إلا أن يعق والديه" وقال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله العاق والديه" وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت ليلة أسري بي أقواماً في النار معلقين في جذوع من نار فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: الذين يشتمون آباءهم وأمهاتهم في الدنيا".
وقال بشر: ما من رجل يقرب من أمه حيث حيث يسمع كلامها إلا كان أفضل من الذي يضرب بسيفه في سبيل الله والنظر إليها أفضل من كل شيء، "وجاء رجل وامرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يختصمان في صبي لهما فقال الرجل: يا رسول الله ولدي خرج من صلبي، وقالت المرأة: يا رسول الله حمله خفاً ووضعه شهوة وحملته كرهاً ووضعته كرهاً وأرضعته حولين كاملين، فقضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمه".
أيها المضيع لآكد الحقوق، المعتاض من بر الوالدين العقوق، الناسي لما يجب عليه، الغافل عما بين يديه، بر الوالدين عليك دين، وأنت تتعاطاه باتباع الشين، تطلب الجنة بزعمك، وهي تحت أقدام أمك. حملتك في بطنها تسعة أشهر كأنها تسع حجج، وكابدت عند الوضع ما يذيب المهج، وأرضعتك من ثديها لبناً، وأطارت لأجلك وسناً، وغسلت بيمينها عنك الأذى، وآثرتك على نفسها بالغذاء، وصيرت حجرها لك مهداً، وأنالتك إحساناً ورفداً، فإن أصابك مرض أو شكاية، أظهرت من الأسف فوق النهاية، وأطالت الحزن والنحيب، وبذلت مالها للطبيب، ولو خيرت بين حياتك وموتها، لطلبت حياتك بأعلى صوتها، هذا وكم عاملتها بسوء الخلق مراراً، فدعت لك بالتوفيق سراً وجهاراً، فلما احتاجت عند الكبر إليك، جعلتها من أهون الأشياء عليك، فشبعت وهي جائعة ورويت وهي قانعة، وقدمت عليها أهلك وأولادك بالإحسان، وقابلت أياديها بالنسيان وصعب لديك أمرها وهو يسير، وطال عليك عمرها وهو قصير...
هجرتها ومالها سواك نصير، هذا ومولاك قد نهاك عن التأفف، وعاتبك في حقها بعتاب لطيف ستعاقب في دنياك بعقوق البنين، وفي أخراك بالبعد من رب العالمين، يناديك بلسان التوبيخ والتهديد (ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد):
لأمك حق لو علمت كثير كثيرك يا هذا لديه يسير
فكم ليلة باتت بثقلك تشتكي لها من جواها أنة وزفير
وفي الوضع لو تدري عليها مشقة فمن غصص منها الفؤاد يطير
وكم غسلت عنك الأذى بيمينها وما حجرها إلا لديك سرير
وتفديك بما تشتكيه بنفسها ومن ثديها شرب لديك نمير
وكم مرة جاعت وأعطتك قوتها حناناً وإشفاقاً وأنت صغير
فآها لذي عقل و يتبع الهوى وآها لأعمى القلب وهو بصير
فدونك فارغب في عميم دعائها فأنت لما تدعو إليه فقير
(حديث ضعيف) "حكي أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم شاب يسمى علقمة وكان كثير الإجتهاد في طاعة الله في الصلاة والصوم والصدقة ، فمرض واشتد مرضه فأرسلت امرأته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن زوجي علقمة في النزع، فأردت أن أعلمك يا رسول الله بحاله، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم عماراً وصهيباً وبلالاً وقال: امضوا إليه ولقنوه الشهادة فمضوا إليه ودخلوا عليه فوجدوه في النزع، فجعلوا يلقنونه (لا إله إلا الله)، ولسانه لا ينطق بها فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرونه أنه لا ينطق لسانه بالشهادة.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل من أبويه أحد حي؟ قيل: يا رسول الله أم كبيرة السن، فأرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال للرسول: قل لها إن قدرت على المسير إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و إلا فقري في المنزل حتى يأتيك. قال: فجاء إليها الرسول فأخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: نفسي لنفسه فداء، أنا أحق بإتيانه. فتوكأت وقامت على عصا، وأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت فرد عليها السلام وقال لها: يا أم علقمة اصدقيني وإن كذبت جاء الوحي من الله تعالى، كيف كان حال ولدك علقمة؟ قالت: يا رسول الله كثير الصلاة، كثير الصيام كثير الصدقة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فما حالك؟ قالت: يا رسول الله أنا عليه ساخطة، قال: ولم؟ قالت: يا رسول الله كان يؤثر علي زوجته ويعصيني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن سخط أم علقمة حجب لسان علقمة عن الشهادة، ثم قال: يا بلال انطلق واجمع لي حطباً كثيراً، قالت يا رسول الله وما تصنع؟
قال: أحرقه بالنار بين يديك، قالت: يا رسول الله ولدي لا يحتمل قلبي أن تحرقه بالنار بين يدي، قال: يا أم علقمة عذاب الله أشد وأبقى، فإن سرك أن يغفر الله له فارضي عنه فوالذي نفسي بيده لا ينتفع علقمة بصلاته ولا بصيامه ولا بصدقته ما دمت عليه ساخطة فقالت: يا رسول الله إني أشهد الله تعالى وملائكته ومن حضرني من المسلمين أني قد رضيت عن ولدي علقمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انطلق يا بلال إليه وانظر هل يستطيع أن يقول لا إله إلا الله أم لا؟ فلعل أم علقمة تكلمت بما ليس في قلبها حياء مني، فانطلق فسمع علقمة من داخل الدار يقول: لا إله إلا الله...
فدخل بلال فقال: يا هؤلاء إن سخط أم علقمة حجب لسانه عن الشهادة، وأن رضاها أطلق لسانه، ثم مات علقمة من يومه، فحضره رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بغسله وكفنه ثم صلى عليه وحضر دفنه، ثم قام على شفير قبره وقال: يا معشر المهاجرين والأنصار من فضل زوجته على أمه فعليه لعنة الله و الملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلا إلا أن يتوب أن يتوب إلى الله عز وجل ويحسن إليها ويطلب رضاها، فرضى الله في رضاها وسخط الله في سخطها، فنسأل الله أن يوفقنا لرضاه، وأن يجنبنا سخطه، إنه جواد كريم رؤوف رحيم".
مسألة : في رجل يسفه على والديه: فما يجب عليه؟
الجواب: إذا شتم الرجل أباه واعتدى عليه فإنه يجب أن يعاقب عقوبة بليغة تردعه وأمثاله عن مثل ذلك، بل وأبلغ من ذلك أنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين "أنه قال: من الكبائر أن يسب الرجل والديه قالوا: وكيف يسب الرجل والديه؟ قال: يسب أبا الرجل، فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه" فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل من الكبائر أن يسب الرجل أبا غيره لئلا يسب أباه فكيف إذا سب هو أباه مباشرة؟؟ فهذا يستحق العقوبة التي تمنعه عن عقوق الوالدين الذي قرن الله حقهما بحقه حيث قال: "أن اشكر لي ولوالديك" وقال تعالى: "وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما" فكيف بسبهما؟!
مسألة : في رجل يدعو على والديه: ما الحكم؟
الجواب: إن الإنسان يجب أن يحرص دائما على ألا يدعو على أحد، بل يدعو لهم حتى لغير المسلمين، فإذا رأى إنسانا ضالا يدعو له بالهداية أو إذا رأى إنسانا ظالما أو حتى لو كان مشركا يدعو له بالهداية، لأنه إذا دعى عليه فلن يستفيد شيء، أما في الدعاء على الوالدين فهو حرام لقوله تعالى ("ولا تنهرهما") ومن النهر الدعاء عليهما، ثم إذا كانت لك أخي الكريم دعوة مستجابة فجعلها لوالديك ولا تجعلها عليهما، ثم اصبر على أذاهما ففي هذا الزمان آباء جهال لا يعرفون شيئا بالتربية الإسلامية الصحيحة، ولا يعرفون أسلوب النصح، ولا العقاب السليم والتوجيه الصحيح، فلذلك يجب أن تصبر على الأذى واحذر مما يفعلونه حتى لا تفعله بأولادك.
====================
حدثنا علي بن سعيد، قال: ثنا أحمد بن محمد بن أبي بزة، قال: حدثني أبو أحمد محمد بن يحيى بن يسار مولى عبد الله بن مسعود، ثنا حسين بن صدقة بن يسار الأنصاري، عن المقبري- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعينوا أولادكم على البر، من شاء استخرج العقوق لولده.
[تفرد به أحمد بن محمد بن يحيى].
ثنا: اختصار لـ: (حدثنا) حيث أنه في القديم لم يكن عندهم الحبر الكافي للكتابة فيختصرون مثل أنا اختصار لـ: (أنبأنا) وهكذا..
ثم هناك ملاحظة وهي اعتقاد الآباء أن الأبناء إذ عقوا والديهم فلن يقبل الله من الأبناء الصلاة والصيام وعمل الخيرات، وهذا خطأ، لأن ليس الذي يكتب الأجر هم الآباء، بل الملائكة تكتب الأجر والله تعالى يقبل أو لا يقبل، فالسؤال هنا: من الذي يكتب الأجر؟
وبالنسبة لطرق تربية الأولاد لعدم المرور بالعقوق بإذن الله تعالى فعليكم بتحميل برنامج تربية الأولاد من موقعنا على الشبكة.
والله تعالى قد يبتلي الأولاد بالآباء أو الآباء بالأولاد فعلى الجميع الصبر والدعاء
قال الله تعالى: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم" 'النساء: 36' وقال تعالى: "واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام" 'النساء: 1' وقال تعالى: "والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل" الآية 'الرعد: 21'. وقال تعالى: "ووصينا الإنسان بوالديه حسناً" 'العنكبوت: 8' وقال تعالى: "وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا" 'الإسراء: 23-24' وقال تعالى: "ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك" 'لقمان:14'
تحريم العقوق وقطيعة الرحم
قال الله تعالى: "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم* أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم" 'محمد: 21- 22' وقال تعالى: "والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل، ويفسدون في الأرض، أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار" وقال تعالى: "وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا" 'الإسراء: 23-24'.
عقوق الوالدين
قال الله تعالى: "وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا" أي براً وشفقة وعطفاً عليهما. "إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما" أي لا تقل لهما بتبرم إذا كبرا وأسنا وينبغي أن تتولى خدمتهما ما توليا من خدمتك على أن الفضل للمتقدم وكيف يقع التساوي، وقد كانا يحملان أذاك راجين حياتك وأنت إن حملت أذاهما رجوت موتهما. ثم قال الله تعالى: "وقل لهما قولاً كريما" أي ليناً لطيفاً "واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا" وقال الله تعالى: "أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير" فانظر رحمك الله كيف قرن شكرهما بشكره. قال ابن عباس رضي الله عنهما: ثلاث آيات نزلت مقرونة بثلاث، لا تقبل منها واحدة بغير قرينتها (إحداهما) قول الله تعالى: "وأطيعوا الله و أطيعوا الرسول" فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل منه. (الثانية) قول الله تعالى: "وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة" فمن صلى ولم يزك لم يقبل منه، (الثالثة) قول الله تعالى: "أن اشكر لي ولوالديك" فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه. ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم "رضى الله في رضى الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين".
و"عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: جاء رجل يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد معه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أحي والديك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد" مخرج في الصحيحين، فانظر كيف فضل بر الوالدين وخدمتهما على الجهاد!.
وفي الصحيحين "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله وعقوق الوالدين" فانظر كيف قرن الإساءة إليهما وعدم البر والإحسان بالإشراك وفي الصحيحين أيضاً "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة عاق ولا منان ولا مدمن خمر". وقال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله العاق لوالديه" وقال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله من سب أباه، لعن الله من سب أمه" وقال صلى الله عليه وسلم: "كل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فإنه يعجل لصاحبه، يعني العقوبة في الدنيا قبل يوم القيامة".
وقال كعب الأحبار رحمه الله: إن الله ليعجل هلاك العبد إذا كان عاقاً لوالديه ليعجل له العذاب، وأن الله ليزيد في عمر العبد إذا كان باراً بوالديه ليزيده براً وخيراً. ومن برهما أن ينفق عليهما إذا احتاجا، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أبي يريد أن يحتاج مالي، فقال صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك" وسئل كعب الأحبار عن عقوق الوالدين ما هو؟ قال هو إذا أقسم عليه أبوه أو أمه لم يبر قسمها، وإذا أمره بأمر لم يطع أمرهما، وإذا سألاه شيئاً لم يعطهما، وإذا ائتمناه خانهما.
وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن أصحاب الأعراف من هم وما الأعراف؟ فقال: أما الأعراف فهو جبل بين الجنة والنار، وإنما سمي الأعراف لأنه مشرف على الجنة والنار وعليه أشجار وثمار وأنهار وعيون، وأما الرجال الذين يكونون عليه فهم رجال خرجوا إلى الجهاد بغير رضا آبائهم وأمهاتهم فقتلوا في الجهاد، فمنعهم القتل في سبيل الله من دخول النار، ومنعهم عقوق الوالدين عن دخول الجنة، فهم على الأعراف حتى يقضي الله فيهم أمره.
وفي الصحيحين "أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله من أحق الناس مني بحسن الصحبة؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك، ثم الأقرب فالأقرب" فحض على بر الأم ثلاث مرات، وعلى بر الأب مرة واحدة وما ذاك إلا لأن عناءها أكثر وشفقتها أعظم، مع ما تقاسيه من حمل وطلق وولادة ورضاعة وسهر ليل.
رأى ابن عمر رضي الله عنهما رجلاً قد حمل أمه على رقبته وهو يطوف بها حول الكعبة، فقال: يابن عمر أتراني جازيتها؟ قال: ولا بطلقة واحدة من طلقاتها ولكن قد أحسنت، والله يثيبك على القليل كثيراً.
و"عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربعة نفر حق على الله أن لا يدخلهم الجنة ولا يذيقهم نعيمها: مدمن خمر، وآكل ربا، وآكل مال اليتيم ظلماً، والعاق لوالديه إلا أن يتوبوا"، وجاء رجل إلى أبي الدرداء رضي الله عنه فقال: يا أبا الدرداء إني تزوجت امرأة وإن أمي تأمرني بطلاقها، فقال أبو الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه". وقال صلى الله عليه وسلم: "ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده" وقال صلى الله عليه وسلم: "الخالة بمنزلة الأم أي في البر والإكرام والصلة والإحسان" وعن وهب بن منبه قال: إن الله تعالى أوحى إلى موسى صلوات الله وسلامه عليه يا موسى وقر والديك، فإن من وقر والديه مددت في عمره ووهبت له ولداً يوقره، ومن عق والديه قصرت في عمره ووهبت له ولداً يعقه.
وقال أبو بكر بن أبي مريم: قرأت في التوراة أن من يضرب أباه يقتل. وقال وهب: قرأت في التوراة: على من صك والده الرجم.
وعن عمرو بن مرة الجهني قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت إذا صليت الصلوات الخمس، وصمت رمضان، وأديت الزكاة، وحججت البيت، فماذا لي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من فعل ذلك كان مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين إلا أن يعق والديه" وقال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله العاق والديه" وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت ليلة أسري بي أقواماً في النار معلقين في جذوع من نار فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: الذين يشتمون آباءهم وأمهاتهم في الدنيا".
وقال بشر: ما من رجل يقرب من أمه حيث حيث يسمع كلامها إلا كان أفضل من الذي يضرب بسيفه في سبيل الله والنظر إليها أفضل من كل شيء، "وجاء رجل وامرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يختصمان في صبي لهما فقال الرجل: يا رسول الله ولدي خرج من صلبي، وقالت المرأة: يا رسول الله حمله خفاً ووضعه شهوة وحملته كرهاً ووضعته كرهاً وأرضعته حولين كاملين، فقضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمه".
أيها المضيع لآكد الحقوق، المعتاض من بر الوالدين العقوق، الناسي لما يجب عليه، الغافل عما بين يديه، بر الوالدين عليك دين، وأنت تتعاطاه باتباع الشين، تطلب الجنة بزعمك، وهي تحت أقدام أمك. حملتك في بطنها تسعة أشهر كأنها تسع حجج، وكابدت عند الوضع ما يذيب المهج، وأرضعتك من ثديها لبناً، وأطارت لأجلك وسناً، وغسلت بيمينها عنك الأذى، وآثرتك على نفسها بالغذاء، وصيرت حجرها لك مهداً، وأنالتك إحساناً ورفداً، فإن أصابك مرض أو شكاية، أظهرت من الأسف فوق النهاية، وأطالت الحزن والنحيب، وبذلت مالها للطبيب، ولو خيرت بين حياتك وموتها، لطلبت حياتك بأعلى صوتها، هذا وكم عاملتها بسوء الخلق مراراً، فدعت لك بالتوفيق سراً وجهاراً، فلما احتاجت عند الكبر إليك، جعلتها من أهون الأشياء عليك، فشبعت وهي جائعة ورويت وهي قانعة، وقدمت عليها أهلك وأولادك بالإحسان، وقابلت أياديها بالنسيان وصعب لديك أمرها وهو يسير، وطال عليك عمرها وهو قصير...
هجرتها ومالها سواك نصير، هذا ومولاك قد نهاك عن التأفف، وعاتبك في حقها بعتاب لطيف ستعاقب في دنياك بعقوق البنين، وفي أخراك بالبعد من رب العالمين، يناديك بلسان التوبيخ والتهديد (ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد):
لأمك حق لو علمت كثير كثيرك يا هذا لديه يسير
فكم ليلة باتت بثقلك تشتكي لها من جواها أنة وزفير
وفي الوضع لو تدري عليها مشقة فمن غصص منها الفؤاد يطير
وكم غسلت عنك الأذى بيمينها وما حجرها إلا لديك سرير
وتفديك بما تشتكيه بنفسها ومن ثديها شرب لديك نمير
وكم مرة جاعت وأعطتك قوتها حناناً وإشفاقاً وأنت صغير
فآها لذي عقل و يتبع الهوى وآها لأعمى القلب وهو بصير
فدونك فارغب في عميم دعائها فأنت لما تدعو إليه فقير
(حديث ضعيف) "حكي أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم شاب يسمى علقمة وكان كثير الإجتهاد في طاعة الله في الصلاة والصوم والصدقة ، فمرض واشتد مرضه فأرسلت امرأته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن زوجي علقمة في النزع، فأردت أن أعلمك يا رسول الله بحاله، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم عماراً وصهيباً وبلالاً وقال: امضوا إليه ولقنوه الشهادة فمضوا إليه ودخلوا عليه فوجدوه في النزع، فجعلوا يلقنونه (لا إله إلا الله)، ولسانه لا ينطق بها فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرونه أنه لا ينطق لسانه بالشهادة.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل من أبويه أحد حي؟ قيل: يا رسول الله أم كبيرة السن، فأرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال للرسول: قل لها إن قدرت على المسير إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و إلا فقري في المنزل حتى يأتيك. قال: فجاء إليها الرسول فأخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: نفسي لنفسه فداء، أنا أحق بإتيانه. فتوكأت وقامت على عصا، وأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت فرد عليها السلام وقال لها: يا أم علقمة اصدقيني وإن كذبت جاء الوحي من الله تعالى، كيف كان حال ولدك علقمة؟ قالت: يا رسول الله كثير الصلاة، كثير الصيام كثير الصدقة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فما حالك؟ قالت: يا رسول الله أنا عليه ساخطة، قال: ولم؟ قالت: يا رسول الله كان يؤثر علي زوجته ويعصيني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن سخط أم علقمة حجب لسان علقمة عن الشهادة، ثم قال: يا بلال انطلق واجمع لي حطباً كثيراً، قالت يا رسول الله وما تصنع؟
قال: أحرقه بالنار بين يديك، قالت: يا رسول الله ولدي لا يحتمل قلبي أن تحرقه بالنار بين يدي، قال: يا أم علقمة عذاب الله أشد وأبقى، فإن سرك أن يغفر الله له فارضي عنه فوالذي نفسي بيده لا ينتفع علقمة بصلاته ولا بصيامه ولا بصدقته ما دمت عليه ساخطة فقالت: يا رسول الله إني أشهد الله تعالى وملائكته ومن حضرني من المسلمين أني قد رضيت عن ولدي علقمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انطلق يا بلال إليه وانظر هل يستطيع أن يقول لا إله إلا الله أم لا؟ فلعل أم علقمة تكلمت بما ليس في قلبها حياء مني، فانطلق فسمع علقمة من داخل الدار يقول: لا إله إلا الله...
فدخل بلال فقال: يا هؤلاء إن سخط أم علقمة حجب لسانه عن الشهادة، وأن رضاها أطلق لسانه، ثم مات علقمة من يومه، فحضره رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بغسله وكفنه ثم صلى عليه وحضر دفنه، ثم قام على شفير قبره وقال: يا معشر المهاجرين والأنصار من فضل زوجته على أمه فعليه لعنة الله و الملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلا إلا أن يتوب أن يتوب إلى الله عز وجل ويحسن إليها ويطلب رضاها، فرضى الله في رضاها وسخط الله في سخطها، فنسأل الله أن يوفقنا لرضاه، وأن يجنبنا سخطه، إنه جواد كريم رؤوف رحيم".
مسألة : في رجل يسفه على والديه: فما يجب عليه؟
الجواب: إذا شتم الرجل أباه واعتدى عليه فإنه يجب أن يعاقب عقوبة بليغة تردعه وأمثاله عن مثل ذلك، بل وأبلغ من ذلك أنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين "أنه قال: من الكبائر أن يسب الرجل والديه قالوا: وكيف يسب الرجل والديه؟ قال: يسب أبا الرجل، فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه" فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل من الكبائر أن يسب الرجل أبا غيره لئلا يسب أباه فكيف إذا سب هو أباه مباشرة؟؟ فهذا يستحق العقوبة التي تمنعه عن عقوق الوالدين الذي قرن الله حقهما بحقه حيث قال: "أن اشكر لي ولوالديك" وقال تعالى: "وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما" فكيف بسبهما؟!
مسألة : في رجل يدعو على والديه: ما الحكم؟
الجواب: إن الإنسان يجب أن يحرص دائما على ألا يدعو على أحد، بل يدعو لهم حتى لغير المسلمين، فإذا رأى إنسانا ضالا يدعو له بالهداية أو إذا رأى إنسانا ظالما أو حتى لو كان مشركا يدعو له بالهداية، لأنه إذا دعى عليه فلن يستفيد شيء، أما في الدعاء على الوالدين فهو حرام لقوله تعالى ("ولا تنهرهما") ومن النهر الدعاء عليهما، ثم إذا كانت لك أخي الكريم دعوة مستجابة فجعلها لوالديك ولا تجعلها عليهما، ثم اصبر على أذاهما ففي هذا الزمان آباء جهال لا يعرفون شيئا بالتربية الإسلامية الصحيحة، ولا يعرفون أسلوب النصح، ولا العقاب السليم والتوجيه الصحيح، فلذلك يجب أن تصبر على الأذى واحذر مما يفعلونه حتى لا تفعله بأولادك.
====================
حدثنا علي بن سعيد، قال: ثنا أحمد بن محمد بن أبي بزة، قال: حدثني أبو أحمد محمد بن يحيى بن يسار مولى عبد الله بن مسعود، ثنا حسين بن صدقة بن يسار الأنصاري، عن المقبري- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعينوا أولادكم على البر، من شاء استخرج العقوق لولده.
[تفرد به أحمد بن محمد بن يحيى].
ثنا: اختصار لـ: (حدثنا) حيث أنه في القديم لم يكن عندهم الحبر الكافي للكتابة فيختصرون مثل أنا اختصار لـ: (أنبأنا) وهكذا..
ثم هناك ملاحظة وهي اعتقاد الآباء أن الأبناء إذ عقوا والديهم فلن يقبل الله من الأبناء الصلاة والصيام وعمل الخيرات، وهذا خطأ، لأن ليس الذي يكتب الأجر هم الآباء، بل الملائكة تكتب الأجر والله تعالى يقبل أو لا يقبل، فالسؤال هنا: من الذي يكتب الأجر؟
وبالنسبة لطرق تربية الأولاد لعدم المرور بالعقوق بإذن الله تعالى فعليكم بتحميل برنامج تربية الأولاد من موقعنا على الشبكة.
والله تعالى قد يبتلي الأولاد بالآباء أو الآباء بالأولاد فعلى الجميع الصبر والدعاء
بر الوالدين وصلة الأرحام
قال الله تعالى: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم" 'النساء: 36' وقال تعالى: "واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام" 'النساء: 1' وقال تعالى: "والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل" الآية 'الرعد: 21'. وقال تعالى: "ووصينا الإنسان بوالديه حسناً" 'العنكبوت: 8' وقال تعالى: "وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا" 'الإسراء: 23-24' وقال تعالى: "ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك" 'لقمان:14'
تحريم العقوق وقطيعة الرحم
قال الله تعالى: "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم* أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم" 'محمد: 21- 22' وقال تعالى: "والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل، ويفسدون في الأرض، أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار" وقال تعالى: "وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا" 'الإسراء: 23-24'.
عقوق الوالدين
قال الله تعالى: "وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا" أي براً وشفقة وعطفاً عليهما. "إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما" أي لا تقل لهما بتبرم إذا كبرا وأسنا وينبغي أن تتولى خدمتهما ما توليا من خدمتك على أن الفضل للمتقدم وكيف يقع التساوي، وقد كانا يحملان أذاك راجين حياتك وأنت إن حملت أذاهما رجوت موتهما. ثم قال الله تعالى: "وقل لهما قولاً كريما" أي ليناً لطيفاً "واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا" وقال الله تعالى: "أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير" فانظر رحمك الله كيف قرن شكرهما بشكره. قال ابن عباس رضي الله عنهما: ثلاث آيات نزلت مقرونة بثلاث، لا تقبل منها واحدة بغير قرينتها (إحداهما) قول الله تعالى: "وأطيعوا الله و أطيعوا الرسول" فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل منه. (الثانية) قول الله تعالى: "وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة" فمن صلى ولم يزك لم يقبل منه، (الثالثة) قول الله تعالى: "أن اشكر لي ولوالديك" فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه. ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم "رضى الله في رضى الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين".
و"عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: جاء رجل يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد معه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أحي والديك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد" مخرج في الصحيحين، فانظر كيف فضل بر الوالدين وخدمتهما على الجهاد!.
وفي الصحيحين "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله وعقوق الوالدين" فانظر كيف قرن الإساءة إليهما وعدم البر والإحسان بالإشراك وفي الصحيحين أيضاً "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة عاق ولا منان ولا مدمن خمر". وقال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله العاق لوالديه" وقال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله من سب أباه، لعن الله من سب أمه" وقال صلى الله عليه وسلم: "كل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فإنه يعجل لصاحبه، يعني العقوبة في الدنيا قبل يوم القيامة".
وقال كعب الأحبار رحمه الله: إن الله ليعجل هلاك العبد إذا كان عاقاً لوالديه ليعجل له العذاب، وأن الله ليزيد في عمر العبد إذا كان باراً بوالديه ليزيده براً وخيراً. ومن برهما أن ينفق عليهما إذا احتاجا، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أبي يريد أن يحتاج مالي، فقال صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك" وسئل كعب الأحبار عن عقوق الوالدين ما هو؟ قال هو إذا أقسم عليه أبوه أو أمه لم يبر قسمها، وإذا أمره بأمر لم يطع أمرهما، وإذا سألاه شيئاً لم يعطهما، وإذا ائتمناه خانهما.
وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن أصحاب الأعراف من هم وما الأعراف؟ فقال: أما الأعراف فهو جبل بين الجنة والنار، وإنما سمي الأعراف لأنه مشرف على الجنة والنار وعليه أشجار وثمار وأنهار وعيون، وأما الرجال الذين يكونون عليه فهم رجال خرجوا إلى الجهاد بغير رضا آبائهم وأمهاتهم فقتلوا في الجهاد، فمنعهم القتل في سبيل الله من دخول النار، ومنعهم عقوق الوالدين عن دخول الجنة، فهم على الأعراف حتى يقضي الله فيهم أمره.
وفي الصحيحين "أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله من أحق الناس مني بحسن الصحبة؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك، ثم الأقرب فالأقرب" فحض على بر الأم ثلاث مرات، وعلى بر الأب مرة واحدة وما ذاك إلا لأن عناءها أكثر وشفقتها أعظم، مع ما تقاسيه من حمل وطلق وولادة ورضاعة وسهر ليل.
رأى ابن عمر رضي الله عنهما رجلاً قد حمل أمه على رقبته وهو يطوف بها حول الكعبة، فقال: يابن عمر أتراني جازيتها؟ قال: ولا بطلقة واحدة من طلقاتها ولكن قد أحسنت، والله يثيبك على القليل كثيراً.
و"عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربعة نفر حق على الله أن لا يدخلهم الجنة ولا يذيقهم نعيمها: مدمن خمر، وآكل ربا، وآكل مال اليتيم ظلماً، والعاق لوالديه إلا أن يتوبوا"، وجاء رجل إلى أبي الدرداء رضي الله عنه فقال: يا أبا الدرداء إني تزوجت امرأة وإن أمي تأمرني بطلاقها، فقال أبو الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه". وقال صلى الله عليه وسلم: "ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده" وقال صلى الله عليه وسلم: "الخالة بمنزلة الأم أي في البر والإكرام والصلة والإحسان" وعن وهب بن منبه قال: إن الله تعالى أوحى إلى موسى صلوات الله وسلامه عليه يا موسى وقر والديك، فإن من وقر والديه مددت في عمره ووهبت له ولداً يوقره، ومن عق والديه قصرت في عمره ووهبت له ولداً يعقه.
وقال أبو بكر بن أبي مريم: قرأت في التوراة أن من يضرب أباه يقتل. وقال وهب: قرأت في التوراة: على من صك والده الرجم.
وعن عمرو بن مرة الجهني قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت إذا صليت الصلوات الخمس، وصمت رمضان، وأديت الزكاة، وحججت البيت، فماذا لي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من فعل ذلك كان مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين إلا أن يعق والديه" وقال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله العاق والديه" وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت ليلة أسري بي أقواماً في النار معلقين في جذوع من نار فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: الذين يشتمون آباءهم وأمهاتهم في الدنيا".
وقال بشر: ما من رجل يقرب من أمه حيث حيث يسمع كلامها إلا كان أفضل من الذي يضرب بسيفه في سبيل الله والنظر إليها أفضل من كل شيء، "وجاء رجل وامرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يختصمان في صبي لهما فقال الرجل: يا رسول الله ولدي خرج من صلبي، وقالت المرأة: يا رسول الله حمله خفاً ووضعه شهوة وحملته كرهاً ووضعته كرهاً وأرضعته حولين كاملين، فقضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمه".
أيها المضيع لآكد الحقوق، المعتاض من بر الوالدين العقوق، الناسي لما يجب عليه، الغافل عما بين يديه، بر الوالدين عليك دين، وأنت تتعاطاه باتباع الشين، تطلب الجنة بزعمك، وهي تحت أقدام أمك. حملتك في بطنها تسعة أشهر كأنها تسع حجج، وكابدت عند الوضع ما يذيب المهج، وأرضعتك من ثديها لبناً، وأطارت لأجلك وسناً، وغسلت بيمينها عنك الأذى، وآثرتك على نفسها بالغذاء، وصيرت حجرها لك مهداً، وأنالتك إحساناً ورفداً، فإن أصابك مرض أو شكاية، أظهرت من الأسف فوق النهاية، وأطالت الحزن والنحيب، وبذلت مالها للطبيب، ولو خيرت بين حياتك وموتها، لطلبت حياتك بأعلى صوتها، هذا وكم عاملتها بسوء الخلق مراراً، فدعت لك بالتوفيق سراً وجهاراً، فلما احتاجت عند الكبر إليك، جعلتها من أهون الأشياء عليك، فشبعت وهي جائعة ورويت وهي قانعة، وقدمت عليها أهلك وأولادك بالإحسان، وقابلت أياديها بالنسيان وصعب لديك أمرها وهو يسير، وطال عليك عمرها وهو قصير...
هجرتها ومالها سواك نصير، هذا ومولاك قد نهاك عن التأفف، وعاتبك في حقها بعتاب لطيف ستعاقب في دنياك بعقوق البنين، وفي أخراك بالبعد من رب العالمين، يناديك بلسان التوبيخ والتهديد (ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد):
لأمك حق لو علمت كثير كثيرك يا هذا لديه يسير
فكم ليلة باتت بثقلك تشتكي لها من جواها أنة وزفير
وفي الوضع لو تدري عليها مشقة فمن غصص منها الفؤاد يطير
وكم غسلت عنك الأذى بيمينها وما حجرها إلا لديك سرير
وتفديك بما تشتكيه بنفسها ومن ثديها شرب لديك نمير
وكم مرة جاعت وأعطتك قوتها حناناً وإشفاقاً وأنت صغير
فآها لذي عقل و يتبع الهوى وآها لأعمى القلب وهو بصير
فدونك فارغب في عميم دعائها فأنت لما تدعو إليه فقير
(حديث ضعيف) "حكي أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم شاب يسمى علقمة وكان كثير الإجتهاد في طاعة الله في الصلاة والصوم والصدقة ، فمرض واشتد مرضه فأرسلت امرأته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن زوجي علقمة في النزع، فأردت أن أعلمك يا رسول الله بحاله، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم عماراً وصهيباً وبلالاً وقال: امضوا إليه ولقنوه الشهادة فمضوا إليه ودخلوا عليه فوجدوه في النزع، فجعلوا يلقنونه (لا إله إلا الله)، ولسانه لا ينطق بها فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرونه أنه لا ينطق لسانه بالشهادة.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل من أبويه أحد حي؟ قيل: يا رسول الله أم كبيرة السن، فأرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال للرسول: قل لها إن قدرت على المسير إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و إلا فقري في المنزل حتى يأتيك. قال: فجاء إليها الرسول فأخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: نفسي لنفسه فداء، أنا أحق بإتيانه. فتوكأت وقامت على عصا، وأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت فرد عليها السلام وقال لها: يا أم علقمة اصدقيني وإن كذبت جاء الوحي من الله تعالى، كيف كان حال ولدك علقمة؟ قالت: يا رسول الله كثير الصلاة، كثير الصيام كثير الصدقة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فما حالك؟ قالت: يا رسول الله أنا عليه ساخطة، قال: ولم؟ قالت: يا رسول الله كان يؤثر علي زوجته ويعصيني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن سخط أم علقمة حجب لسان علقمة عن الشهادة، ثم قال: يا بلال انطلق واجمع لي حطباً كثيراً، قالت يا رسول الله وما تصنع؟
قال: أحرقه بالنار بين يديك، قالت: يا رسول الله ولدي لا يحتمل قلبي أن تحرقه بالنار بين يدي، قال: يا أم علقمة عذاب الله أشد وأبقى، فإن سرك أن يغفر الله له فارضي عنه فوالذي نفسي بيده لا ينتفع علقمة بصلاته ولا بصيامه ولا بصدقته ما دمت عليه ساخطة فقالت: يا رسول الله إني أشهد الله تعالى وملائكته ومن حضرني من المسلمين أني قد رضيت عن ولدي علقمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انطلق يا بلال إليه وانظر هل يستطيع أن يقول لا إله إلا الله أم لا؟ فلعل أم علقمة تكلمت بما ليس في قلبها حياء مني، فانطلق فسمع علقمة من داخل الدار يقول: لا إله إلا الله...
فدخل بلال فقال: يا هؤلاء إن سخط أم علقمة حجب لسانه عن الشهادة، وأن رضاها أطلق لسانه، ثم مات علقمة من يومه، فحضره رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بغسله وكفنه ثم صلى عليه وحضر دفنه، ثم قام على شفير قبره وقال: يا معشر المهاجرين والأنصار من فضل زوجته على أمه فعليه لعنة الله و الملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلا إلا أن يتوب أن يتوب إلى الله عز وجل ويحسن إليها ويطلب رضاها، فرضى الله في رضاها وسخط الله في سخطها، فنسأل الله أن يوفقنا لرضاه، وأن يجنبنا سخطه، إنه جواد كريم رؤوف رحيم".
مسألة : في رجل يسفه على والديه: فما يجب عليه؟
الجواب: إذا شتم الرجل أباه واعتدى عليه فإنه يجب أن يعاقب عقوبة بليغة تردعه وأمثاله عن مثل ذلك، بل وأبلغ من ذلك أنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين "أنه قال: من الكبائر أن يسب الرجل والديه قالوا: وكيف يسب الرجل والديه؟ قال: يسب أبا الرجل، فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه" فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل من الكبائر أن يسب الرجل أبا غيره لئلا يسب أباه فكيف إذا سب هو أباه مباشرة؟؟ فهذا يستحق العقوبة التي تمنعه عن عقوق الوالدين الذي قرن الله حقهما بحقه حيث قال: "أن اشكر لي ولوالديك" وقال تعالى: "وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما" فكيف بسبهما؟!
مسألة : في رجل يدعو على والديه: ما الحكم؟
الجواب: إن الإنسان يجب أن يحرص دائما على ألا يدعو على أحد، بل يدعو لهم حتى لغير المسلمين، فإذا رأى إنسانا ضالا يدعو له بالهداية أو إذا رأى إنسانا ظالما أو حتى لو كان مشركا يدعو له بالهداية، لأنه إذا دعى عليه فلن يستفيد شيء، أما في الدعاء على الوالدين فهو حرام لقوله تعالى ("ولا تنهرهما") ومن النهر الدعاء عليهما، ثم إذا كانت لك أخي الكريم دعوة مستجابة فجعلها لوالديك ولا تجعلها عليهما، ثم اصبر على أذاهما ففي هذا الزمان آباء جهال لا يعرفون شيئا بالتربية الإسلامية الصحيحة، ولا يعرفون أسلوب النصح، ولا العقاب السليم والتوجيه الصحيح، فلذلك يجب أن تصبر على الأذى واحذر مما يفعلونه حتى لا تفعله بأولادك.
====================
حدثنا علي بن سعيد، قال: ثنا أحمد بن محمد بن أبي بزة، قال: حدثني أبو أحمد محمد بن يحيى بن يسار مولى عبد الله بن مسعود، ثنا حسين بن صدقة بن يسار الأنصاري، عن المقبري- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعينوا أولادكم على البر، من شاء استخرج العقوق لولده.
[تفرد به أحمد بن محمد بن يحيى].
ثنا: اختصار لـ: (حدثنا) حيث أنه في القديم لم يكن عندهم الحبر الكافي للكتابة فيختصرون مثل أنا اختصار لـ: (أنبأنا) وهكذا..
ثم هناك ملاحظة وهي اعتقاد الآباء أن الأبناء إذ عقوا والديهم فلن يقبل الله من الأبناء الصلاة والصيام وعمل الخيرات، وهذا خطأ، لأن ليس الذي يكتب الأجر هم الآباء، بل الملائكة تكتب الأجر والله تعالى يقبل أو لا يقبل، فالسؤال هنا: من الذي يكتب الأجر؟
وبالنسبة لطرق تربية الأولاد لعدم المرور بالعقوق بإذن الله تعالى فعليكم بتحميل برنامج تربية الأولاد من موقعنا على الشبكة.
والله تعالى قد يبتلي الأولاد بالآباء أو الآباء بالأولاد فعلى الجميع الصبر والدعاء
حورية الشام :: القسم الاسلامي :: :: المعاصي والحلول 2
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى